التمهيد : خالف المولى عبد الرحمان من هشام بعد توليه الحكم سنة 1822 ، سياسة سلفى المولى سليمان ، ومارس سياسة الانفتاح تجاه الشركاء التجاريين التقليديين للمغرب ، وعقد معهم اتفاقيات . إلا أن احتلال فرنسا للجزائر 1830 إضافة الى الجهاد البحري ، جعل المغرب تحت رحمة الضغوط الاستعمارية التي مارستها فرنسا من الجزائر ، وكذلك بريطانيا وإسبانيا و البرتغال ، مما فرض ضرورة القيام بعدة إصلاحات لم تفلح في حد التدخل الأجنبي .
النشاط الأول : الضغوط العسكرية وبداية التغلغل الأوربي في المغرب خلال القرن 19
1- حرب اسلي 1844 ضد فرنسا :
- بعد احتلال الجزائر من طرف فرنسا ، قاوم الجزائريون بزعامة الأمير عبد القادر الجزائري ، وساعده في ذلك المخزن المغربي >>>> فكانت معركة اسلي 1844 بين فرنسا و المغرب قرب مدينة تلمسان ، فانهزم الجيش المغربي لقلة عدته وعدم تنظيمه وتخادل عناصره .
- ووقع المغرب مع فرنسا معاهدة الامغنية 1845 لرسم الحدود بين المغرب و الجزائر و التي بقيت غامضة خدمة لمصالح فرنسا . معاهدة تجارية مع إنجلترا 1856 .
2- حربي تطوان 1859 ضد أسبانيا
- في سنة 1859 وقعت حرب تطوان بين المغرب و أسبانيا لينهزم الجيش المخزني مرة أخرى ، ويرضخ – تحت الضغوط الأجنبية (انجلترا) – المطالب إسبانيا ، وعقد الصلح 1860 ، تنازل بمقتضاه عن أراضى في الجنوب ، مع أداء غرامة 20م ريال ، وبعد مضي سنة وضع الاسبان مراقبين في المراسي لتأدية الغرامة ، مما ساهم في إفراغ بيت مال المخزن وتقليص موارده .
>>>> ساهمت حرب اسلي وتطوان في سقوط حجاب الهيبة عن المخزن المغربي . مما دفع الى تقديم تنازلات ترابية وتنازلات تجارية ، وغرامات مالية .
النشاط الثاني : الضغوط الاستعمارية الدبلوماسية و التدخل الأجنبي في المغرب خلال القرن 19
1- معاهدة 1856 مع بريطانيا :
- عقد المغرب مع بريطانيا سنة 1856 معاهدة مهادنة ، منحت الإنجليز امتيازات (حق الإقامة و التحول ) حيثا من المخزن سلامة أرواحهم وقناعهم ، وان لا يتقاضى الأجانب في المحاكم المخزنية بل ينظر القنصل أو نوابه في الشكاوي ضد الأجانب ، كما لهم حق التجارة في جميع مراسي المغرب ، وبيع المواد دون تحفظ من المخزن ، مع تسهيلات في أداء الرسوم الجمركية .
>>>> كانت لهذه المعاهدة نتائج سلبية على تجار المغرب ، وسمحت بتدفق السلع الأجنبية ، ونضوب السلع الحيوية في السوق المغربية ، كما أن تواجد التجار الأجانب ساهم في رصد أحوال البلاد و التعرف على مكامن ضعفها .
- نصت معاهدة بيكلار بين المغرب وفرنسا 1863 على تقنيين وضعية المحميين في المغرب ، والتي شملت السماسرة التجاريين ، وموظفو السفارات و القنصليات ، وكل أفراد عائلتهم ، ومن يناحش الى خيمتهم ، وبالتالي لا يتعرض لهم المخزن في تأدية ضريبة أو غرامة . وبالتالي أصبح في المجتمع المغربي فئة المحميين الذين لا يشملهم الأحكام السلطانية .
- جاء مؤتمر مدريد 1880 في إطار الضغوط الاستعمارية التجارية التي كانت تمارس على المغرب وقد كان السلطان الحسن الأول قد طلب من الأجانب إعادة النظر فيأمر المحميين لتزايد عددهم و المشاكل المترتبة عن وضعهم . لكن المؤتمر جاء ليثبت شروط المعاهدات السلفة .
- مثل المغرب في المؤتمر السفير بركاش ، ولم يستطع الوقوف أمام المطالب المتزايدة للأجانب الذين أصبح لهم حق الملكية في المغرب ، واختار من يرونه أهلا لخدمتهم دون تدخل للمخزن المغربي .
- وقد دافعت الدول الأوربية عن قضية الحمايات القنصلية ، وامتيازاتها أمام ضعف جهاز المخزن .
>>>> استعملت الدول الأجنبية كل الوسائل الدبلوماسية لحفظ مصالحها الاقتصادية ، واضعاف السلطة السياسية في البلاد واستغلال خيراتها .
النشاط الثالث : التسرب الاستعماري في الصحراء المغربية في نهاية القرن 19
- في إطار الحملة الإمبريالية على المغرب ، حاولت إسبانيا بسط نفوذها على عدة مراسي بجنوب المغرب ، مستغلة معاهدة 1860 التي سمحت لها بالصيفي جنوب البلاد .
- فنهض المولى الحسن سنة 1882 وحل بمناطق سوس الأقصى ، وفتح بها مرسى بوادي نقل ، لدفع الأطماع الإسبانية عن المنطقة .
- مع نهاية القرن 19 تزايدت الضغوط الاستعمارية على جنوب المغرب خاصة من طرف إنجلترا ، التي انتزعت حق التجارة مع المناطق الصحراوية ، وكذا فرنسا التي احتلت قوات وتيدكلت وكورارة مع نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 ، وإسبانيا التي حلت سيدي افني سنة 1900 .
- ولم يستطع المخزن ، رد هذه الضغوط على أقاليمية الجنوب ، لضعف جيشه وقلة موارده .
>>>> استعملت الدول الاستعمارية عدة وسائل ، العسكرية منها و التجارية لفرض السيطرة على جنوب المغرب ومراسي الجنوبية .
النشاط الرابع : الإصلاحات التي قام بها المخزن لمواجهة الأطماع الاستعمارية .
1- الإصلاحات العسكرية :
- حضي الجيش المغربي باهتمام السلطان محمد بن عبد الرحمن ، بحيث أرسل البعثات الى الخارج ، واشترى الاسلحة من مدافع وبنادق لتقوية الجهاز الدفاعي للجيش ، كما اعتدى على خبراء فرنسيين من فرنسا .
>>>> كان إصلاح الجيش ضرورة ملح على السلطان ، أمام تزايد الضغوط الأجنبية .
2- الإصلاحات الاقتصادية :
- تم الاهتمام بزراعة القطن وانتاج السكر ، وتشجيع المزارعين على ذلك .، وكذا تصنيع جزء منها ، الى جانب تشجيع صناعة الورتي .
- كما أخذ المخزن في استخراج المعادن وتسويقها (الحديد- الرصاص...)
- على مستوى الإصلاح النقذي ، حاول كل من المولى سليمان ، ومحمد بن عبد الرحمن ضبط قيمة الريال ومساواته مع سعر الريال الإسباني ، إلا أن المولى الحسن توصل الى نوع من التجديد وذلك بضرب النفوذ في باريس 1881 .
>>>> لم تنجح الإصلاحات في أداء الدور المنتظر منها خاصة العسكرية ، مما ساهم في تزايد الضغوط الاستعمارية على المغرب .
3- الإصلاحات الإدارية و التعليمية
- كان لبريطانيا كبير الإصلاحات الإدارية ونظام السلطات المحلية وجهاز المخزن .
- فقد قام محمد بن عبد الرحمن بإصدار ظهير المراسي لضبط المداخيل ومحاربة التهريب .
- كما فتحت المدارس لتعليم العلوم الحديثة ، ووجه الطلبة لاستكمال دراستهم في الخارج خاصة إنجلترا .
>>>> رغم كل الإصلاحات وتنوع مجالاتها ، فإنها فشلت في تسوية أوضاع المغرب ، وذلك أمام قوة الضغوط الاستعمارية الموجهة ضده