الضغوط الإستعمارية على المغرب و محاولات الإصلاح
مقدمة : شكل القرن 19 منعطفا خطرا في تاريخ المغرب حيث أصبح محط أطماع القوى الأوربية التي استغلت تفوقها العسكري والإقتصادي لممارسة ضغوطات ممنهجية على المغرب لمواجهة هذه التطورات المستجدة قام المخزن بمحاولات إصلاحية إلا أن الإستعمار حد من قعاليتها وأدى إلى إفشالها .
سعت الطغوطات الإستعمارية إلى إخضاع المغرب تحت سيطرتها .
تعرضت المغرب لضغوطات عسكرية دبلوماسية من طرف إسبانيا وفرنسا :
-ازدادت الأطماع التوسعية الفرنسية للمغرب يعد احتلالها للجزائر سنة 1830 تدرعت بمساعدة السلطان المولى عبدالرحمان بن هشام الأمير عبدالقادر الجزائري لتوجيه هجومات بحرية نحو مدينة طنجة 6 غشت 1844 ومدينة الصويرة 11 غشت 1844 ذهب ضحيتها عدد كبير من المغاربة، وفي 15 غشت وقعت معركة إسلي على الحدود الشرقية إنتهت بهزيمة الجيش المخزني الغير المنظم، شكلت هذه الهزيمة نقطة تحول بين المغرب والقوى الأوربية. ذلك أنها كشفت عن ضعف المغرب عسكريا وأرغمته على توقيع معاهدة الصلح (10 شتنبر 1844) ومعاهدة للامغنية 18 مارس 1845. التي تركت قضية الحدود بين المغرب والجزائر غامضة تمهيدا لتدخل في المغرب (نص ص 32 وخريطة ص 33)، استغلت إسبانيا هزيمة إسلي قامت الجزر الجعفرية 1848 تم تحركت لتوسيع منطقة نفوذها حول سبتة ولما واجهت قبيلة "الأنجرة" هذا التوسع احتل الجيش الإسباني مدينة تطوان في 6 فبراير 1860 ولم ينسحب منها إلا بعد التوقيع على مواجهة الصلح 26 أبريل 1860 التي نصت على : - الموافقة على توزيع حدود سبتة ومليلية – الموافقة على تشييد ميناء للصيد البحري بالجنوب – دفع غرامة مالية بالمنطقة قدرها 100 مليون بسيطة (20 مليون ريال) .
استهدفت الضغوطات الإقتصادية فتح المغرب أمام التجارة الخارجية :
إلى غاية منتصف القرن 19 كان المغرب يتحكم في المبادلات التجارية عن طريق تحديد كمية ونوعية المواد المصدرة والمستوردة وكذا قيمة الرسوم الجمركية بالموانئ إلا أن سياسة الحمائية أدث إلى انهيار مستوى المبادلات بين المغرب وآروربا مما دفع بانجلترا التي كانت في حاجة للمواد الأولية والأسواق. إلا أن إرغام السلطان المولى "عبدالرحمان" على توقيع إتفاقية تجارية.
في (9 يناير 1856) جعلت حد الحرية المخزن التجاري ونصت على منح الإنجليز وباقي الأجانب إمتيازات متعددة تمثلت في (أنظر نص 2 ص 35) . أدت سياسة الإمتيازات إلى : إغراق الأسواق المغربية بمنتجات المصنعة الأوربية. إفلاس التجار والحرفيين المغاربة وتفاقم الحماية القنصلية التي أصبحت تشكل خطرا على السيادة المغربية الوطنية وعلى بنية الإجتماعية حيث عمت كل الفئات الإجتماعية لما فيهم اليهود، زقد زاد من توسيع الحماية الفرضية إتفاقية 1861 مع إسبانيا وإتفاقية 1863 مع فرنسا.
مست الإصلاحات التي نهجها المخزن ميادين مختلفة :
استهدفت الإصلاحات الإدارية والمالية انقاذ خزينة الدولة من الإنهيار :
الإصلاحات الإدارية : في سنة 1862 مارس أصدر محمد بن عبدالرحمان ظهيرا نص على ضبط مداخيل الخزينة من المراسي تضمن إقالة الأمناء الكبار الذين يستقلون مناصبهم للإتراء وتعين أمناء مأجورين على رأسهم أمين الأمناء الذي يسهر على مراقبة أعمال جميع الأمناء المراسي كما برا في جودة البضائع. تحقيق نتائج إيجابية تمثلت في ارتفاع المداخيل الجمركية.
الإصلاحات المالية : في المجال الجبائي أحدث المخزن ضريبة المكوس. الأجانب الضرائب الشرعية، لم يكن أداءها منتظما ومعها مما تسبب في حدوث عدة انتفاضات أهمها ثورة الدباغين بفاس 1873. أما في المجال النقدي فقد قام السلطان المولى عبدالرحمان بسلك نقود نحاسية وفضية عوضت التقود الذهبية إلا أن تدهور سعرها دفع بالمولى الحسن الأول إلى تزوير البلاد بنقود جيدة سكة بأوربا من شئنها أن تصنع حدا لتضخم الأموال المالي وارتفاع الأسعار وذلك خلال عقد التمنينات من القرن19.
سعت الإصلاحات العسكرية إلى تنظيم الجيش وتحديثه :
بعد هويمتي إسلي وتطوان اقتنع السلطان محمد بن علي عبدالرحمان بضرورة تطوير الجيش بالإعتماد على الخبرة العسكرية الأوربية إذ إبتداءا من 1877 ثم توظيف مدربيين عسكريين أوربيين أسندت لهم مهمة تأطير الجنود المغاربة وتعويدهم على استعمال الأسلحة العسكرية المستوردة. فقد تكلفت بعتة إنجليزية برئاسة "ماكلين" بتكوين وحدات الحرابة (المشاة والحرس الخاص بالسلطات) في حين قامت بعتة فرنسية بقيادة "إركمان" بتدريب وحدات الطبجية (جنود المدفعية) وقد سارعت الدول الأوربية إلا إرسال بعثاتها العسكرية خاصة بعد أن أصبحت وسيلة لتجسس.
أقام السلطان الحسن الأول أيضا معامل لإنتاج الأسلحة منها "الماكنة" (دار السلاح) التي أحدثت بفاس سنة 1868 تحت إشراف الإيطالي "بريكوفي". انفق مبالغ ضخمة في تحديد حصون المدفعية على السواحل وأرسل بعثات من المغاربة إلى آوربا لتدرب على التقنيات العسكرية الحديثة. كانت نتائج هذه الإصلاحات جد محدودة نتيجة الضغوطات والتوجهات الأوربية.
حالت الضغوطات الخارجية دون نجاح الإصلاحات :
كانت انجلترا تتيح لسلطان مزايا تحديث المغرب لكن في نفس الوقت تمارس الضغوط لتحقيق فتح البلاد. وتمثين ترابطها بالسوق الدولية. كما لم تخفي فرنسا أطماعها التوسعية أمام هذا الوضع. دعا السلطان الحسن الأول إلى انعقاد مؤتمر دولي لتقنين تطبيق مفهوم الحماية القنصلية. إلا أن الدول الأوربية تشكلت جبهة في مؤتمر مدريد الذي انعقدت أشغاله ما بين 19 ماي و 3 يوليوز 1880). والذي أكد ماجاء في المعاهدات السابقة وزاد من امتيازات الدول الأوربية حيث أصبحت قراراته وثيقة دولية جعلت المغرب تحت وصاية مجموعة من الدول. أهمها : انجلترا ترغب في تجديد معاهدة 1856. ألمانيا التي حصلت من الحسن الأول على حق التجارة لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد. اسبانيا التي أرغمت المغرب على تأدية غرامة مالية قدرها 20 مليون بسيطة 1893 .
خلاصة : استطاعت الدول الأوربية خلال القرن 19 وضع الأساس الممهد لاحتلال المغرب وذلك بانتزاع مجموعة من الحقوق وامتيازات واقتطاع أجراء ترابية مما سيستعمل عملية الغزو خلال القرن 20.
>>>>>>>>>>>>>>>
qa